فصل: سنة ست وسبعين وخمس مائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة:

فيها وقعة الرملة.
سارصلاح الدين من مصر فسبى وغنم ببلاد عسقلان.
وسار إلى الرملة فالتقى الفرنج فحملوا على المسلمين فهزموهم.
وبيت السلطان وابن أخيه تقي الدين عمر.
ودخل الليل واحتوت الفرنج على المعسكر بما فيه.
وتمزق العسكر وعطشوا في الرمال واستشهد جماعة وتحيز صلاح الدين ونجا ولله الحمد وقتل ولد لتقي الدين عمر وله عشرون سنة وأسر الأمير الفقيه عيسى الهكاري.
وكانت نوبة صعبة.
ونزلت الفرنج على حماة وحاصرتها أربعة أشهر لاشتغال السلطان بلم شعث الجيش.
وفيها توفي أرسلان شاه بن طغريل بن محمد بن ملكشاه السلجوقي سلطان أذربيجان.
كان له السكة والخطبة.
والقائم بدولته زوج أمه الذكر.
ثم ابنه البهلوان.
فلما توفي خطبوا لولده طغريل الذي قتله خوارزم شاه.
والوزير أبو الفرج محمد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفر بن رئيس الرؤساء الوزير أبي القاسم على بن المسلمة.
روى عن ابن الحصين وجماعة وولي أستاذ دارية المقتفي ثم المستنجد ووزر للمستضيء ولقب عضد الدين وكان جوادًا سريًا معظمًا مهيبًا.
خرج للحج في محمل عظيم فوثب عليه واحد من الباطنية فقتله في أوائل ذي القعدة عن تسع وخمسين سنة.
وأبو محمد بن المأمون الاديب صاحب التاريخ هارون بن العباس بن محمد العباسي المأموني البغدادي الأديب.
روى عن قاضي المرستان وشرح أيضًا المقامات الحريري توفي في ذي الحجة ولاحق بن علي بن كارة أخو دهبل البغدادي.
روي عن أبي القاسم ابن بيان وغيره.
وتوفي في نصف شعبان عن ثمان وسبعين سنة.
وأبو شاكر السقلاطوني يحيى بن يوسف بن بالان الخباز.
روى عن ثابت بن بندار والحسين بن البسري وجماعة.
توفي في شعبان.

.سنة أربع وسبعين وخمس مائة:

فيها أخذ ابن قرايا الرافضي الذي ينشد في الأسواق ببغداد فوجدوا في بيته سب الصحابة.
فقطعت يده ولسانه ورجمته العامة.
فهرب وسبح فألحوا عليه بالآجر فغرق.
فأخرجوه وأحرقوه.
ثم وقع القبح على الرافضة وأحرقت كتبهم وانقمعوا حتى صاروا في ذلة اليهود.
وهذا شيء لم يتهيأ ببغداد من نحو مائتين وخمسين سنة.
وفيها خرج نائب دمشق فرخشاه ابن أخي السلطان.
فالتقى الفرنج فهزمهم.
وقتل مقدمهم هنفري الذي كان يضرب به المثل في الشجاعة.
وفيها أطلق السلطان حماة عند موت صاحبها خاله شهاب الدين الحارمي لابن أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه.
وأطلق له أيضًا المعرة ومنبج وفامية.
فبعث إليها نوابة.
وفيها توفي أبو أحمد أسعد بن بلدرك الجبريلي البغدادي البواب المعمر في ربيع الأول عن مائة وأربع سنين.
ولو سمع في صغره لبقي مسند العالم.
سمع من أبي الخطاب الجراح وأبي الحسن بن العلاف.
والحيص بيص شهاب الدين أبو الفوارس سعد بن محمد بن سعد بن صيفي التميمي الشاعر المشهور وله ديوان معروف.
كان وافر الأدب متضلعًا من اللغة بصيرًا بالفقه والمناظرة.
توفي في شعبان.
وشهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج الدينوري ثم البغدادي الكاتبة المسندة فخر النساء.
كانت دينة عابدة صالحة.
سمعها أبوها الكثير وصارت مسندة العراق.
روت عن طراد والنعالي وابن البطر وطائفة.
وكانت ذا بر وخير.
توفيت في رابع عشر المحرم عن نيف وتسعين سنة.
وأبو رشيد عبد الله بن عمر الإصبهاني آخر من بقي بإصبهان من أصحاب الرئيس الثقفي.
وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن أحمد اليوسفي أخو عبد الحق.
روى عن ابن بيان وجماعة.
وكان خياطًا دينًا.
توفي بمكة وله سبعون سنة.
وأبو الخطاب العليمي عمر بن محمد بن عبد الله الدمشقي التاجر السفار.
طلب بنفسه وكتب الكثير في تجارته بالشام ومصر والعراق وماوراء النهر.
روى عن نصب الله المصيصي وعبد الله بن الفراوي وطبقتهما.
توفي في شوال عن أربع وخمسين سنة.
وأبو عبد الله بن المجاهد الزاهد القدوة محمد بن أحمد بن عبد الله الأنصاري الأندلسي عن بضع وثمانين سنة.
قرأ العربية ولزم أبا بكر بن العربي مدة.
قال ابن الآبار: كان المشار إليه في زمانه بالصلاح والورع والعبادة إجابة الدعوة.
وكان أحد أولياء الله الذين تذكر به رؤيتهم.
آثاره مشهورة وكراماته معروفة مع الحظ الوافر من الفقه والقراءات.
ومحمد بن نسيم العيشوني.
روى عن ابن العلاف وابن نبهان.
وقع من سلم فمات في الحال في جمادى الآخرة.

.سنة خمس وسبعين وخمس مائة:

فيها نزل صلاح الدين على بانياس وأغارت سراياه على الفرنج ثم أخبر بمجيء الفرنج فبادر في الحال وكبسهم.
فإذا هم في ألف قنطارية وعشرة آلاف راجل.
فحملوا على المسلمين فبيتوا لهم ثم حمل المسلمون فهزموهم ووضعوا فيهم السيف ثم أسروا مائتين وسبعين أسيرًا منهم مقدم الديوية فاستفك نفسه بألف أسير وبجملة من المال.
وأما ملكهم فانهزم جريحًا.
وفيها نزل قلج أرسلان صاحب الروم على حصن رعبان في عشرين ألفًا.
فنهض لنجدة الحصن تقي الدين صاحب حماة وسيف الذين المشطوب في ألف فارس.
فكبسوا الروميين بغتة فركبوا خيولهم عريًا ونجوا.
وحوى تقي الدين الخيام بما فيها.
ثم من على الأسراء بأموالهم وسرحهم.
وفيها مات المستضيء وبويع ابنه أحمد الناصر لدين الله في سلخ شوال وفيها توفي أحمد بن أبي الوفاء أبو الفتح بن الصائغ البغدادي الحنبلي.
خدم أبا الخطاب الكلواذاني مدة.
وحدث عن ابن بيان بحران.
وأبو يحيى اليسع بن عيسى بن حزم الغافقي المقرئ.
أخذ القراءات عن أبيه وأبي الحسن شريخ وطائفة وأقرأ بالاسكندرية والقاهرة واستملىعليه صلاح الدين وقربه واحترمه.
وكان فقيهًا مفتيًا محدثًا مقرئًا نسابة أخباريًا بديع الخط.
وقيل هو أول من خطب بالدعوة العباسية بمصر توفي في رجب.
وتجنى الوهابية أم عتب آخر من روى في الدنيا بالسماع عن طراد والنعالي.
توفيت في شوال وآخر من حدث عنها ابن قميرة.
والمستضيء بأمر الله أبو محمد الحسن بن المستنجد بالله بن يوسف بن المقتفي محمد بن المستظهر أحمد بن المقتدي العباسي.
بويع بعد أبيه في ربيع الآخر سنة ست وسنين.
ونهض بخلافته الوزير عضد الدين بن رئيس الرؤساء فاستوزره.
وكان ذا دين وحلم وأناة ورأفة ومعروف زائد.
وأمه أرمنية.
عاش خمسًا وأربعين سنة.
خلف ولدين: أحمد الناصر وهاشما.
قال ابن الجوزي في المنتظم: أظهر من العدل والكرم مالم نره في أعمارنا وفرق مالًا عظيمًا في الهاشميين وفي المدارس.
وكان ليس للمال عنده وقع.
قلت: كان يطلب ابن الجوزي ويأمر بعقد مجلس الوعظ ويجلس بحيث يسمع ولا يرى.
وفي أيامه اختفى الرفض ببغداد ووهى.
وأما بمصر والشام فتلاشى.
وزالت دولة العبيديين أولي الرفض.
وخطب له بديار مصر وبعض المغرب واليمن.
وأبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد اليوسفي الشيخ الثقة عن إحدى وثمانين سنة.
أسمعه أبوه الكثير من أبي القاسم الربعي وابن الطيوري وجعفر السراج وطائفة.
ولم يحدث بما سمعه حضورًا تورعًا.
وكان فقيرًا صالحًا متعففًا كثير التلاوة جدًا توفي في جمادى الأولى.
وأبو الفضل عبد المحسن بن تريك الأزجي البيع.
روى عن ابن بيان وجماعة.
توفي يوم عرفة.
وأبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر القرشي الزبيري الدمشقي القاضي الحافظ.
نزيل بغداد.
سمع من أبي الدر ياقوت الرومي وطائفة بدمشق ومن أبي الوقت والناس ببغداد.
وصحب أبا وأبة هاشم الدوشابي عيسى بن أحمد الهاشمي العباسي البغدادي الهراس.
روى عن الحسين بن البسري وغيره.
توفي في رجب.
وأبو بكر بن خير واسمه محمد بن خير بن عمر بن خليفة اللمتوني الأشبيلي المقرئ الحافظ صاحب شريح.
فاق الأقران في ضبط القراءات وسمع الكثير من أبي مروان الباجي وابن العربي وخلق.
وبرع أيضًا في الحديث واشتهر بالإتقان وسعة المعرفة بالعربية توفي في ربيع الأول عن ثلاث وسبعين سنة.
وأبو بكر الباقداري الضرير محمد بن أبي غالب الحافظ.
سمع أبا محمد سبط الخياط فمن بعده.
وبرع في الحديث حتى صار ابن ناصر يسأله ويرجع إلى قوله.
قال ابن الدبيثي: انتهى إليه معرفة رجال الحديث وحفظه.
وعليه كان المعتمد فيه.
توفي كهلًا في ذي الحجة.
وأبو عبد الله الوهراني المغربي محمد بن محرز ركن الدين وقيل جمال الدين الأديب الكاتب صاحب المزاح والدعابة والمنام الطويل الذي جمع أنواعًا من المجون والأدب.
مات في رجب بدمشق.
وأبو محمد بن الطباخ المبارك بن علي البغدادي الحنبلي المجاور بمكة.
كان يكتب العبر ويؤم بحطيم الحنابلة.
روى عن ابن الحصين وطبقته وكتب بخطه.
سمع منه أبو سعد بن السمعاني وأبو الفضل متوجهر بن محمد بن تركشاه الكاتب كان أديبًا فاضلًا مليح الإنشاء حسن الطريقة.
كتب للأمير قايماز المستنجدي وروى المقامات عن الحريري مرارًا.
وروى عن هبة الله بن أحمد الموصلي وجماعة.
وتوفي في جمادى الأولىوله ست وثمانون سنة.
وأبو عمر بن عباد الأستاذ المقرئ المحقق يوسف بن عبد الله الأندلسي اللري.
قدم بلنسية وأخذ القراءات عن أبي مروان بن الصقيل وابن هذيل وسمع من طارق بن يعيش وخلق كثير وعني يصناعة الحديث وكتب العالي والنازل وبرع في معرفة الرجال وصنف التصانيف الكثيرة وعاش سيعين سنة.

.سنة ست وسبعين وخمس مائة:

فيها نزل صلاح الدين على حصن من بلاد الأرمن فافتتحه وهدمه ثم رجع فوافاه القليد وخلع السلطنة بحمص من الناصر لدين الله فركب بها هناك.
وكان يومًا مشهودًا.
وفيها ركب الناصر بأبهة الخلافة وعلى رأسه المظلة السوداء وعلى كريمته الطرحة.
ثم ركب بعد أيام يتصيد.
وفيها توفي أبو طاهر السلفي الحافظ العلامة الكبير مسند الدنيا ومعمر الحفاظ أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الإصبهاني الجرواني.
وجروان محلة بإصبهان وسلفة لقب جده أحمد ومعناه غليظ الشفة.
سمع من أبي عبد الله الثقفي وأحمد بن عبد الغفار بن اشته ومكي السلار وخلق كثير بإصبهان خرج عنهم في معجم وحدث بإصبهان في سنة اثنتين وتسعين.
قال: وكنت ابن سبع عشرة سنة أكثر أو أقل ورحل سنة ثلاث فأدرك أبا الخطاب بن البطر ببغداد وعمل معجمًا لشيوخ بغداد.
ثم حج وسمع بالكوفة والحرمين والبصرة وهمذان وأذربيجان والري والدينور وقزوين وزنجان والشام ومصر فأكثر وأطاب.
وتفقه فأتقن مذهب الشافعي وبرع في الأدب وجود القرآن بالروايات واسوطن الاسكندرية بضعًا وستين سنة مكبًا على الاشتغال والمطالعة والنسخ وتحصيل الكتب.
وقد أفردت أخباره في جزء.
وجاوز المائة بلا ريب.
وإنما النزاع في مقدار الزيادة.
ومكث نيفًا وثمانين سنة يسمع عليه.
ولا أعلم أحدًا مثله في هذا ومات يوم الجمعة بكرة خامس ربيع الآخر رحمه الله.
وشمس الدولة الملك المعظم تورانشاه بن أيوب بن شاذي وكان أسن من أخيه صلاح الدين.
وكان يحترمه ويتأدب معه.
سيره فغزا النوبة فسبى وغنم ثم بعثه فافتتح اليمن وكانت بيد الخوارج الباطنية.
وأقام بها ثلاث سنين. ثم اشتاق إلى طيب الشام ونضارتها فقدم وناب بدمشق لأخيه.
ثم تحول إلى مصر فتوفي بالاسكندرية في صفر فنقل إلى الشام ودفنته أخته وأبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن صابر الدمشقي.
ولد سنة تسع وتسعين وعني به أبوه فأسمعه الكثير من النسيب وأبي طاهر الحنائي وطبقتهما.
ولعب في شبابه وباع أصول أبيه بالهوان.
توفي في رجب على طريقة حسنة.
وأبو المفاخر المأموني راوي صحيح مسلم بمصر سعيد بن الحسين ابن سعيد العباسي.
روى الحديث هو وابنه وحفيده وناقلته.
وأبو الفهم بن أبي العجائز الأزدي الدمشقي واسمه عبد الرحمن بن عبد العزيز بن محمد.
وهو راوي حديث سخنام عن أبي طاهر الحنائي.
وأبو الحسن بن العصار النحوي علي بن عبد الرحيم السلمي الرقي ثم البغدادي.
كان علامة في اللغة حجة في العربية.
أخذ عن ابن الجواليقي.
وكتب الكثير بخطه الأنيق وروى عن أبي الغنائم بن المهتدي بالله وغيره وخلف مالًا طائلًا وإليه انتهى علم اللغة.
توفي في المحرم عن ثمان وستين سنة.
وغازي السلطان سيف الدين صاحب الموصل وابن صاحبها قطب الدين مودود بن أتابك زنكي التركي الأتابكي.
توفي في صفر بعلة السل وله ثلاثون سنة وكان شابًا مليحًا أبيض طويلًا عاقلًا وقورًا قليل الظلم. ومحمد بن محمد بن مواهب أبو العز بن الخراساني البغدادي الأديب صاحب العروض والنوادر وديوان الشعر الذي هو في مجلدات.
كان صاحب ظرف ومجون وذكاء مفرط وتفنن في الأدب.
روى عن أبي الحسين بن الطيوري وأبي سعد بن خشيش وجماعة.
وتغير ذهنه قبل موته بقليل.
توفي في رمضان وله اثنتان وثمانون سنة.